▬▬▬▬▬▬
▬▬▬▬▬▬
إن لبنان، وطناً ودولةً، هو ذو سيادة مطلقة على أرضه ومؤسساته، وإن استقلالية قرار لبنان الوطن وسيادة دولته يحتمان عدم خضوعه لأية دولة، ولو صُنّفت صديقة أو حليفة، وهذه قاعدة أساسية يجب أن تحكم سياسة لبنان الخارجية وعلاقاته مع جميع الدول.
لن تعلو سلطة فوق سيادة السلطات الدستورية اللبنانية التي عليها أن تتحمل وحدها مسؤولية الأمن والأمان على كافة أراضي الدولة من دون أي تمييز أو تخاذل أو تقاعس مهما كانت الظروف أو الحسابات. فمسؤولية الدولة مطلقة في مهمة الدفاع عن الوطن وشعبه ومؤسساته، وعليها وحدها القيام برسم سياسة دفاعية تتناسب ومختلف أنواع التهديدات التي من الممكن أن يواجهها لبنان.
ومن مسؤولية الدولة أيضاً بناء وتطوير القدرات العسكرية بما يتماشى مع هذه السياسة الدفاعية والسعي لتسليح القوات المسلحة بجميع السبل المتاحة شرط عدم قبول أي شكل من أشكال الهبات والمساعدات العسكرية المشروطة. فلا قيود على الدولة في قيامها بمسؤولياتها في الدفاع عن الوطن وعن المجتمع وعن الشعب وحقوقه وأمنه، أرضاً ومياهاً وجواً.
عداؤنا مع العدو الصهيوني هو عداء وجودي،
فالكيان الصهيوني هو كيان توسعي ينتهج الحروب المستمرة والاحتلالات المتتالية لضم الأراضي وإخضاع الشعوب بالاستناد إلى فكر ديني رجعي وعدواني. ولا يزال هذا الكيان العنصري يحتلّ أراضٍ لبنانية حدودية مع فلسطين وسوريا، ويعتدي يومياً على لبنان باستباحة أجوائنا وبحرنا وسرقة مياهنا وخطف مواطنينا وتهديد أمننا واستقرارنا باستمرار.
إن تخاذل الدولة اللبنانية، منذ اتفاقية الهدنة في العام 1949، ظهر جلياً من خلال عدم بناء القدرات العسكرية للجيش اللبناني بما يمكّنه من القيام بمهامه الأساسية في ردع أي اعتداء ومواجهة أي اجتياح للأرض أو اختراق للأجواء والمياه الإقليمية، ما جعل الأرض اللبنانية مستباحة بشكلٍ مستمر.
هذا التنازل عن مسؤولية الدفاع عن لبنان في جميع مراحل الاعتداءات المستمرة من العدو الصهيوني منذ عام 1949 أنتجت ما أنتجته من الخيبات والويلات بعد الغزو والتدمير والقتل والتهجير، فكانت النتيجة الحتمية بأن تقوم تشكيلات عسكرية بديلة للدفاع عن الوطن ومقاومة الاحتلال. ولكن ادى وجود هذا السلاح خلال كل المراحل منذ الهدنة الى توظيفه في خدمة معادلات وتوازنات إقليمية بالاضافة الى استعماله لفرض سياسات داخلية و تغيير معادلات توازن القوى السياسية الطائفية.
ولأن قناعتنا كاملة بالحق المطلق للشعوب في المقاومة والدفاع عن الوطن، نرى أنه على الدولة القيام بمسؤولياتها في بناء مجتمعٍ متلاحمٍ مقاوم على جميع المستويات العسكرية والاقتصادية والعلمية والثقافية. إن مقاومة الاحتلال، وبجميع السبل المتاحة والمشروعة، هو واجب وطني وأخلاقي على الجميع، وإن جوهر هذه المقاومة يقوم على ثلاثة أبعاد:
تأمين الالتفاف الشعبي والسياسي حول مبدأ المقاومة الشاملة غير الفئوية أو المحصورة.
دعــم صــمود الأهالي فــي أراضيهم وقراهــم من خلال بناء شــبكة أمـان اجتماعي واقتصــاد وطني منتج ولا مركزي.
العمل العسكري المسلح، الرسمي والشعبي، وهو عنصر أساسي آخر لاكتمال حركة المقاومة وفعاليتها بأن يكون كل مواطن مقاوم.
بناءً على كل ما تقدّم، وإيماناً منا بأن بناء القدرة العسكرية للجيش بما يرتقي إلى مستوى سياسة دفاعية وطنية هو جزء لا يتجزأ من مشروع إعادة بناء الدولة كما نراه، فعلى الدولة المباشرة ببناء القدرة العسكرية للقوى المسلحة وتخصيص وصرف الميزانية اللازمة والكافية من الناتج القومي لهذا الهدف.
إن استعادة الدولة لدورها الطبيعي في القيام بمسؤولية الدفاع عن الوطن يجب ان يؤدي وسيؤدي حتماً إلى بدء الحوار الوطني المسؤول والشفاف بغية الوصول إلى الدمج الكامل للمقومات والقدرات العسكرية لجهاز المقاومة داخل جسم القوى المسلحة اللبنانية وبالطريقة الأكثر فاعلية للاستفادة منها في بناء التشكيلات العسكرية الوطنية ورسم الاستراتيجية الدفاعية وذلك لانتفاء الحاجة لوجود أي تنظيمات عسكرية تقوم بمهمة الدفاع خارج سيادة الدولة ومؤسساتها الدستورية.